القاضي معاذ التركي ابن المدينة المنورة الذي أذهلت خاتمته المجتمع السعودي

بواسطة admin

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متابعي الكرام حياكم الله جميعا وأهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من حلقات حكاوي ..

وحكاية اليوم هي حكاية شاب تأثر مجتمع كامل بوفاته ..

حكاية اليوم هي حكاية من أروع قصص حسن الخاتمة وطيب العاقبة

حكاية اليوم ليست حكاية رجل من الصحابة ولا من التابعين ولكنها حكاية رجل من المعاصرين

حكاية شاب لم يبلغ من العمر الثلاثين سنة ومع ذلك كانت وفاته آية من آيات الله حتى أن الجميع حزن على فراقه وتصدرت سيرته الصحف ومواقع التواصل الإجتماعي ..

حكاية اليوم يا إخواني هي حكاية الشاب معاذ بن إبراهيم التركي رحمه الله تعالى

جهز معاذ نفسه لأداء العمرة فطلب منه أحد أخوانه تأجيلها فرفض التأجيل

وبالفعل بدأ في التحضير للعمرة فأحرم وتجهز لها من بيت والده بالمدينة المنورة ثم خرج من بيته محرما بالعمرة يوم الأربعاء الموافق 29 محرم 1437 الموافق بالميلادي 11 نوفمبر2015

في طريقه بين مكة والمدينة نزل فصلى الظهر والعصر جمع تقديم مع أنه كانت عادته أن يصلي جمع تأخير إذا وصل مكة ليكون أجر الصلاة مضاعفا إلا أنه هذه المرة صلى جمع تقديم

ثم استكمل طريقة ملبيا لبيك اللهم عمرة لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك وبينما هو كذلك إذ قدر الله عليه حادث ففاضت نفسه إلى الله وهو محرم بالعمرة قد صلى الظهر والعصر ..

توفي معاذ لكن تفاجيء الجميع بما بدأ يظهر عليه من علمات حسن الخاتمة يقول أحد إخوانه وهو يذكر ما ظهر من حسن الخاتمة

وأما ما رأيته منك بعد الحادث فأعجب من كل الذي مضى , ابتسامتك المعهودة لم تفارقك وأنك  لم تتألم من أي شيء وشهادة الأطباء في المستشفى بأن لهم في العمل سنوات ولم يمر عليهم مثلك والرائحة الطيبة التي كانت تفوح منكوتغسيلك وأنت ميت لك أكثر من عشر ساعات والدم يسيل بلونه الطبيعي وكأنك نائم لم يتغير منك شيء..

حتى المغسل يقول أن له 15 عاما لم ير مثلك وجلس يذكر الله ويقول ماشاء الله تبارك الله ما هذه الوفاة ؟؟

توفي معاذ وصلى على جنازته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجر يوم الخميس الموافق 30 محرم 1437 الموافق 12 نوفمبر 2015 ثم شيعت جنازته وهو مكشوف الوجه والرأس لأنه مات محرما ودفن في البقيع مع أسياد المسلمين من الصحابة والصالحين على مر العصور فرحمه الله وغفر له وجعله في الفردوس الأعلى من الجنة .. ( مقطع الجنازة  )

تخيل شاب دون الثلاثين من عمره يموت وتظهر عليه كل هذه الكرامات يموت وهو محرم بالعمرة وهو في الطريق إليها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من مات على شيء بعث عليه وهو مات محرما وسوف يبعث بإذن الله محرما ملبيا

ثم بعد الحادث يرون البسمة على وجهة وكأنه نائم وتفوح منه الرائحة الطيبة ويشهد له الأطباء والمغسل بأنه ما مر عليهم مثله ..

فمن هو هذا الشاب وماذا قدم في حياته لتكون هذه كراماته

هو معاذ بن إبراهيم بن إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

والده هو الشيخ العالم الكبير الشيخ إبراهيم ابن إبراهيم التركي المدرس بالمسجد النبوي ( مقطع للشيخ )

ولد معاذ يوم الأربعاء 15/ محرم /1410

الموافق 16 / اغسطس / 1989

ولد بمحافظة المجمعة بمنطقة الرياض ونشأ في كنف والديه في بيئة خير وصلاح ..

تخرج معاذ من المعاهد العلمية ثم من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم واصل الدراسات العليا فيها في قسم القضاء ..

تم تعينه قاضيا بديوان المظالم

وكان في نفس الوقت إماما لجامع الريان بالمدينة المنورة

وكان رحمه الله صاحب صوت حسن في القرآن الكريم

وكان صاحب قلب حاضر في الدعاء في ليالي رمضان

معاذ رحمه الله كان خطيبا بارعا له عشرات الخطب والمحاضرات

وكان أكثر ما يميزه أنه كان يسابق في كل أبواب البر والخير فمع كونه كان إماما يصلي بالناس وخطيبا يخطب فيهم ويعظهم إلا أنه كان يحب الأذان ويسابق فيه (

حتى في اجتماع العائلة كان يساهم بالتبرع بالدم المهم أن لا يترك باب خير إلا ويساهم فيه  

هذه الخاتمة التي أكرم الله بها معاذ التركي ما أكرمه بها من فراغ وإنما لأسباب عديدة

منها أنه كان دائم التفكير في الآخرة فهذه رسالة بينه وبين أحد أصحابه يقول له صاحبه فيها أنت مسافر الآن فيقول معاذ رحمه الله لا لكني مسافر للدار الآخرة

من أسباب هذه الخاتمة الحسنة ما تميز به معاذ رحمه الله من الأخلاق السامية والهمة العالية

فقد كان معاذ رحمه الله معروفا بالهدوء والسماحة والكرم وسلامة الصدر والسعي لقضاء حاجة الناس وكان شديد البر بوالديه ومعروف بصلة الرحم، وكان حريصا على مراجعة حفظه للقرآن الكريم

والأعجب أن معاذ بعد موته انهالت الأوقاف باسمه في أنحاء كثيره من العالم فهذا وقف عبارة عن مسجد وفصل وبئر عن معاذ رحمه الله

وهذا مسجد باسم معاذ التركي تم بناءه له في اندونيسيا

وهذا مسجد وقف لمعاذ التركي في تنزانيا وتم ذبح 5 رأس بقر وغنم فيه وكله في ميزان حسنات معاذ بإذن الله

وهذا وقف للمستودع الخيري بالمجمعة باسم معاذ رحمه الله وغفر له

وهذا وقف هدية في مصنع مياه بالمدينة المنورة

وهذا معتمر يعتمر عن معاذ رحمه الله تعالى (

بل إن الغريب أن معاذ حدث بعض أصحابه في حياته أنه يتمني لو عمل وقفا لوالديه برا بهما فلما مات رحمه الله سخر الله له من يبني الوقف ويحقق أمنية معاذ ويكون الوقف باسم والدي معاذ

حتى حلقات القرآن التي كان يهتم بها معاذ رحمه الله تم تسمية حلقة باسمه تخليدا له ولذكره رحمه الله

تخيل معي أيها المشاهد الكريم شاب دون الثلاثين من عمره فيكرمه الله بحسن الخاتمة ونحسبه مات على خاتمة حسنة ثم يسخر الله له بعد موته فيقدم له كل هذه الأوقاف والصدقات الجاريات التي تصب عليه الأجر بعد موته

والسؤال !! ما الذي كان بينك وبين الله يا معاذ ؟ ماالسر الذي أكرمك الله بسببه كل هذا الكرم في خاتمتك وبعد موتك ؟ أي إنسان كنت أنت يا معاذ !!

نعم أنا لم أتشرف بلقياك ولم تلمس يدي كفك بالسلام ولا تشرفت أذني بسماع صوتك لكن أنا أحببتك وأحببتك ثم أحببتك

وأنا أحضر هذه الحلقة كم دمعت عيني واقشعر جلدي وتأثر قلبي

فاللهم اغفر له وارحمه واجمعنا به وبالصالحين في الجنة

وختاما أحب أن أعزي نفسي وأهله ومحبيه وإن كانت تعزيتي أتت متأخرة بهذه الكلمات

أخي المصاب بفقد حبيب أو فراق عزيز – آجرك الله في مصيبتك وأخلف لك خيراً منها – إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب

 واعلم أن مما يخفف عليك ألم مصابك أن تعلم  

اولا الإيمان بالقضاء والقدر وأن تعلم أن ما أصابك من الفجيعة بفقد حبيبك إنما هو بقدر الله، لم يأت من عدو ولا حاسد، وإنما هو من أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، قال تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقال تعالى ما أصاب من مصيبةٍ إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه  وقال عليه الصلاة السلام كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة رواه مسلم

ثانيا أن تعلم بأن الموت يبلي كل حي، وأن الجميع مصيرهم إليه قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام 

فكل حي سيموت ليس في الدنيا ثبوت حركات سوف تفنى ثم يتلوها خفوت وكلام ليس يحلو بعده إلا السكوت

ثالثا أخي تذكر أن هذه الحياة معبر وطريق إلى الآخرة، وأن الجميع مسافرون إليها، وسيستقرون هناك، وحينئذ يجتمع المسلم بحبيبه وقريبه في الجنة في نعيم دائم، وحياة أبديّة فسلِّ نفسك وعللها بقرب اللقاء، فالموعد هناك إن شاء الله تعالى

رابعا أن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان ولذا فهي مليئة بالمصائب، والأكدار، والأحزان، كما قال تعالى ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر وقال تعالى لقد خلقنا الإنسان في كَبَد 

خامسا اعلم أن الجزع لا يفيد بل يضاعف المصيبة، ويفوّت الأجر ويعرّض المرء للإثم

قال علي بن أبي طالب  رضي الله عنه إن صبرت جَرَت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جَرَت عليك المقادير وأنت مأزور 

وقال بعضهم المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان

سادسا أن تتذكر أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل فله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجل مسمى

سابعا التعزّي بالمصيبة العظمى، وهي مصيبة فقد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام إذا أصاب أحدكم مصيبة فليتذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب رواه ابن سعد وصححه الألباني فلن تصاب الأمة بعد نبيها بمثل مصيبتها بفقده عليه الصلاة والسلام

ثامنا الاستعانة على المصيبة بالصلاة قال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة  وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزَبَهُ أمر صلَّى رواه أبو داود وحسن سنده ابن حجر، ومعنى حزَبَهُ أي نزل به هم أو أصابه غم ولما أُخبر ابن عباس بوفاة أحد إخوانه استرجع وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام وهو يقول واستعينوا بالصبر والصلاة 

تاسعاً تذكر ثواب الصبر على المصائب ومن ثواب الصبر عليها

أولا دخول الحنة قال تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدَّار  

وقال عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجلَ ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة رواه البخاري 

وصفيّه هو الحبيب المصافي كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان، والمراد بـاحتسبه صبر على فقده راجياً الأجر من الله على ذلك، وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل ابن آدم إن صبرت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثواباً دون الجنة رواه ابن ماجه

ثانيا أن الصابرين يوَفَّوْن أجورهم بغير حساب يوم القيامة قال تعالى قُلْ ياعبادِ الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ وأرض الله واسعةٌ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب   

قال الأوزاعي ليس يوزن لهم ولا يُكال، إنما يُغرف لهم غَرْفاً  

 ثالثا تكفير السيئات قال عليه الصلاة والسلام ما يصيب المسلم من نصب ولا وَصَب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشَّوْكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه متفق عليه والنَّصَب التعب، والوَصَب المرض

وقال عليه الصلاة والسلام ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة رواه الترمذي وقال حسن صحيح 

وفي الختام

أسأل الله أن يغفر لمعاذ وأن يرحمه وأن يسكنه الجنة بلا حساب وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يحشره مع الأبرار وسائر موتى المسلمين

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

Related Posts

اترك تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق اقرأ أكثر